التقنية مطلبا وليست ترفا:
لاشك أن استخدام السيارة للوصول إلى مسجد الحي الذي لا يبعد
أكثر من مئتي متر يُعدُّ ترفاً لا مبرر له، مثله مثل الذي
يستخدم جهاز الجوال لمحادثة زوجته التي تجهز طعام الغداء
بالمطبخ بينما هو مستلق على ظهره في صالة المنزل. غير أن
الاستخدام السيئ وغير المبرر لتقنيات العصر ووسائله لا يجعلنا
نغلق الباب أمام التقدم التقني الذي أنهكه قرع أبواب المدارس
وهزها حتى أنه لم يجد بد من الدخول عبر الثقوب بحمل بشائر
الخير لجيل الغد.
إن مدير المدرسة الذي يمنع استخدام الإنترنت في إحدى مدارسنا
بحجة حماية أطفالنا من الدخول إلى مواقع غير مناسبة يعلن
إفلاسه كقائد تربوي للمدرسة ويفضح الجهات التعليمية الأخرى
التي عجزت عن مساعدته أو إقناعه بوضع الضوابط والمعايير
التربوية التي تضمن الاستخدام السليم لهذه التقنية التي تعدُّ
أحد أهم المصادر التعليمية والتربوية في هذا العصر. كما أنه
بعمله هذا يسهم دون وعي في ذر الغبار على الأجهزة والمعامل
التي كاد البعض منها أن تختفي ملامحها. وهذا يذكرنا بصناديق
الوسائل التعليمية قبل عقدين من الزمن التي كانت تملأ بعض
مستودعات المدارس وجهاز العرض الرأسي الذي يستخدم كتحفة في
إدارة المدرسة. فإذا همَّ أحد المعلمين باستخدامه تلقى التهديد
بأنه في حال احتراق اللمبة فعليك إحضار البديل.
تلك الصور القاتمة لاستخدام التقنية لم يعد لها مكانا في
مدارسنا. فأطفال اليوم خرجوا إلى هذه الدنيا وهم يرون التقنية
تحيط بهم في المنازل والشوارع والأسواق وملاهي الأطفال
والمستشفيات، فَلِمَ لا تكون بالمدرسة؟ لذا فإننا نرى أن
استخدام التقنية أصبح مطلباً وليس ترفاً. وبدلاً من أن نجادل
في هذا الأمر علينا أن نسأل أنفسنا كوننا مربين عن الاستخدام
الأمثل للتقنية.
مهارتان تكادان أن تكونا مفقودتين في مناهجنا الحالية هما
مهارة التفكير ومهارة استخدام التقنية. ولاشك أن ما سيحمله
المستقبل القريب من تطور لمناهجنا سوف لا يغفل هاتين المهارتين
بل سيركز عليهما إضافة إلى المهارات الأخرى. لذا فإن توظيف
التقنية في بيئة تعليمية تقليدية بمقرراتها وطرق تدريسها
وأساليب تقويمها يعتبر تحد أخذت كل جهة تعليمية فيما يخصها عدد
من الخطوات الجادة لتعديله، وفي هذا الإطار وضمن إستراتيجية
تقنية واضحة بدأت عملية التهيئة للمجتمع المدرسي لكي يستخدم
التقنية ويوظفها بما يتلاءم ومناهج اليوم. وتم تأمين عدد
كبير من المعامل الحاسوبية المتكاملة مع تدريب المعلمين على
توظيفها في تدريس المواد المختلفة في المرحلتين الابتدائية
والمتوسطة. فضلاً عن تغطية جميع المدارس الثانوية بمعامل
الحاسب الآلي والذي يعتبر الحاسب الآلي فيها مقرراَ دراسياً.
إن من المتعارف عليه في ظل التقدم التقني المتسارع أن العمر
الزمني لجهاز الحاسوب ما بين 3-5 سنوات تقريباَ. لذا فإن لم
يتم توظيف هذا الجهاز في خدمة المادة الدراسية وتطوير مهارات
التلاميذ فإن الأمر عنده يصبح هدراَ للمال العام. وهذا مالا
يرضاه أي فرد منا. ومن هنا يصبح التأكيد على دور مدير المدرسة
والمشرف التربوي والمعلم هو من باب التذكير بحمل الأمانة تجاه
أطفالنا الذين يتوقون للتعامل مع هذا الجهاز المثير لفضولهم.
فلنوظفه في تطوير عمليتي التعلم والتعليم أسوة بمن سبقونا
لتوظيف هذه الآلة توظيفاً عاد على مجتمعهم التعليمي بالنفع.
فلقد أشارت عدد من البحوث في الولايات المتحدة على سبيل المثال
إلى أن استخدام التقنية في التعليم وخاصة الحاسب الآلي ببرامجه
التعليمية المناسبة قد عزز الاتجاهات الإيجابية لدى التلاميذ
ورفع من معدل تحصيلهم العلمي.
ومن نافلة القول أن جهاز الحاسب الآلي نفسه لا يمكن الاستفادة
منه دون توفير البرامج الحاسوبية المناسبة في مختلف المواد
الدراسية. وصناعة البرمجيات الحاسوبية جهد مشاع بين المعلمين
والمشرفين التربويين في كل من المدرسة والإدارة التعليمية
وجهاز الوزارة إلى جانب المشاركة الفاعلة من قبل القطاع الخاص.
لذا فقد بادر جهاز الوزارة ممثلاً بالإدارة العامة لتقنيات
التعليم بإنتاج برامج تعليمية تفاعلية في العلوم والرياضيات هي
باكورة إنتاج وفق خطة أعدت مسبقاً تشمل جميع المواد الدراسية
ويشارك في تنفيذها - إلى جانب جهاز الوزارة - مراكز التقنيات
التربوية في عدد من الإدارات التعليمية. حيث إن من أهم أهداف
مراكز التقنيات التربوية في الإدارات التعليمية هو الوصول إلى
الكفاءات الوطنية والكوادر التقنية المؤهلة والتي يصعب
استقطابها في جهاز الوزارة، إلى جانب توفير البيئة التقنية
المناسبة لرعاية هذه الكفاءات وتدريبها واستثمار إمكاناتها في
سبيل تطوير عمليتي التعلم والتعليم.
لذا فإن نشر التقنية وتوظيفها في مدارسنا هي مهمة لا يكفي
لتنفيذها مجرد توفير الوسائل والأجهزة، بل يجب مشاركة الجميع
في توظيفها التوظيف الصحيح. بدءاً من نشر الثقافة التقنية،
ووضع المعايير التقنية، مروراً برسم وتنفيذ خطط الإنتاج
والتطوير وتنفيذها، وتدريب المعلمين، وانتهاء بمتابعة جديد
التقنية والاستفادة منه.
استخدام التقنية لتعليم الرياضيات:
أولا: لغات البرمجة
لغة البيسك
Basic
تعتبر لغة البيسك من أقدم اللغات الدنيا التي استخدمها كل من
المعلم والطالب لإيجاد حلول التمارين وبرمجة تطبيقات سهلة
مساعدة لتعليم وتعلم الرياضيات. ومن أشهر الأمثلة البسيطة على
استخدامات برمجيات البيسك إيجاد جذري المعادلة من الدرجة
الثانية.
ومن مستلزمات إنتاج واستخدام التطبيقات بالنسبة لهذه اللغة
توفر جهاز حاسب بمواصفات متواضعة و برنامج لغة البيسك و إتقان
البرمجة باستخدام هذه اللغة لمصممي التطبيقات من الطلاب
والمعلمين.
وتتميز هذه الطريقة بربط منهج الرياضيات بالتقنية ومساعدة
الطلاب والمعلمين على إتقان هذه اللغة لتصميم تطبيقات متقدمة
وإثارة التفكير عن طريق تصميم البرمجيات لحلول التمارين
والمسائل الرياضية.
ومن عيوب هذه الطريقة ضرورة إتقان كل من المعلم والطالب
البرمجة باستخدام لغة البيسك. لذلك تصبح مشكلة البرمجة وتصميم
البرنامج مشكلة إضافية إلى المشكلة الرياضية التي يراد حلها.
كذلك تعتبر هذه اللغة قديمة بعض الشيء وظهر غيرها من التطبيقات
المساعدة سهلة الاستعمال إلا أنه في بعض الأحيان يكون تصميم
البرنامج وتنفيذه هدف في حد ذاته لإثارة التفكير لدى الطلاب.
لغة الجافا
Java
تعتبر الجافا من أهم التطبيقات المساعدة التي تخدم الرياضيات
وغيرها من العلوم عن طريق إيجاد بيئة اليكترونية تفاعلية من
خلال الصوت والصور والرسوم المتحركة. وباستخدام الجافا
يمكن تصميم تطبيقات ديناميكية تساعد على فهم البرهان الرياضي
والمفاهيم الرياضية. ومن بين تطبيقات استخدام الجافا برهان
نظرية فيثاغورس حيث يتم تحريك المربعات المقامة على ضلعي
المثلث القائم الزاوية وتطبيقها على مساحة المربع المنشأ على
الوتر.
لغات أخرى
يوجد لغات برمجة أخرى يمكن استخدامها مثل الفيجوال بيسك
وغيرها.
ثانياً: التطبيقات المساعدة
الجداول الالكترونية
Spreadsheets
تستخدم الجداول الإلكترونية في إيجاد حلول المسائل الرياضية
وتثيل البيانات الإحصائية. ويستفاد من الإمكانات الرياضية
لهذه الدوال لتصميم تطبيقات وتدريبات رياضية وإحصائية. ومن
الأمثلة على استخدام الجداول الإلكترونية مسألة حساب النمو في
أعداد السكان.
قواعد البيانات
يمكن الاستفادة من قواعد البيانات لإيجاد حلول بعض المسائل
الرياضية. فيمكن الاستفادة من البيانات في تدريب الطلاب على
أساليب حل المشكلات والحل باستخدام الأساليب الإحصائية
والبيانية. كما يمكن عمل وبرمجة تطبيقات رياضية باستخدام ميزات
قواعد البيانات. ومن الأمثلة على استخدام قواعد البيانات
استخدام بيانات المدرسة في إيجاد حلول لمسائل إحصائية مثل
إيجاد المتوسط الحسابي لدرجات طلاب أحد الصفوف في إحدى المواد
وهكذا.
ثالثاً: التطبيقات الجاهزة:
برامج تعليم وتعلم الهندسة
يوجد برامج جاهزة (في أغلب الأحيان باللغة الإنجليزية) لتدريب
الطلاب على التعامل مع مسائل الهندسة. فعلى سبيل المثال برنامج
Geometry’s Sechtchpad
وهذا البرنامج مصمم لمساعدة الطالب لرسم الأشكال الهندسية
وحساب مساحاتها وحل مسائل متعلقة بها بيانياً وحسابياً.
برامج شاملة
هنالك برامج مصممة لإجراء جميع العمليات الرياضية والمساعدة
على حل المسائل. وتختلف هذه البرامج بحيث يوجد منها ما يغطي
جميع رياضيات مراحل التعليم العام وجزء من التعليم الجامعي.
وتستخدم هذه البرامج من قبل طلاب الرياضيات والهندسة وبقية
العلوم. ومن أمثلة هذه البرامج برنامج MathCAD
وبرنامج
Drive
وبرنامج
MatLap
وغيرها من البرامج.
برامج التدريب على المواد
هنالك برامج الهدف منها استعادة ما تم دراسته على شكل نصوص
ورسومات وحل التمارين وإجراء الاختبارات مثل الدوالج وغيرها.
رابعاً: الآلات الحاسوبية الصغيرة
الآلة الحاسبة العادية
function calculator
هي آلة حاسوبية صغيرة الحجم رخيصة الثمن تستخدم في إجراء
العمليات الحسابية الأربع على الأعداد الكبيرة جداً والمعقدة.
ولا يسمح باستخدامها لإيجاد ناتج العمليات التي يسهل إيجادها
ذهنياً أو إيجادها بطريقة سريعة باستخدام الورقة والقلم
الآلة الحاسبة العلمية ٍScientific
calculator
هي أيضاً آلة حاسوبية صغيرة الحجم سعرها في متناول اليد.
يستخدمها الطلاب لإجراء العمليات الحسابية العلمية التي يصعب
إيجادها باستخدام الورقة والقلم. وتستخدم بديلاً عن الجداول
اللوغارتمية وإيجاد قيم الزوايا المثلثية و إجراء بعض الحسابات
الإحصائية.
الآلة الحاسبة الرسومية
Graphics
calculator
يعتبر هذا النوع من الحاسبات اليدوية ثورة في استخدام التقنية.
وهذه الآلة هي آلة صغيرة الحجم معقولة الثمن. وهي عبارة عن
حاسوب رياضي متكامل يحتوي على جميع العمليات الحسابية والجبرية
والإحصائية وحساب المثلثات. ويوجد نوع منها يشمل أيضا كل ما
يخص الهندسة المستوية في التعليم العام.
الآلة الحاسبة المعملية
Calculator
Based Lab (CBL)
هي آلة حاسوبية تستخدم لجمع البيانات الإحصائية مباشرة من
التجارب المعملية وتستخدم مع الحاسبات الرسومية.
للاستزادة يمكنك الإطلاع على موقع د. عبد الله المقبل
http://www.almekbel.net
|